إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 12 أغسطس 2011

"الإرادة" هي فضيلة الفضائل في شهر رمضان!

يرى "عباس محمود العقاد" أن "الإرادة" هي فضيلة الفضائل في شهر رمضان؛ إذ إن الغاية في هذا الشهر هي تحكيم الإرادة في شهوات النفس والجسد، وتربية العزيمة على قيادة الإنسان لنفسه حيث يريد.. ثم يتطرق إلى الجوانب النفسية والاجتماعية للصيام، ويقدم لنا تأملاته، وهي ثمرة دور العقل في استخراج ما يرتبط بالصيام من معان، ويستقرئ ويكتشف، معاني جديدة وهو يجيل الفكر في تجاربه الذاتية، وتجارب الآخرين.. ومن ثمرات تأملاته:

1- إن مقياس "الزمن" إحساس، وإنه مسألة اعتبارية نسبية، لا تُقاس بالمزاول والأجهزة، وقد تطول الساعة وتقصر، وقد تمرّ بالمرء دقيقة واحدة وهو يحس أنها ساعات، والعامل الحاسم في كل ذلك هو الشعور والخيال، ويضرب العقاد مثلا ما يحدث خلال شهر الصيام: "إن الفترة بين آذان العصر وآذان المغرب قصيرة، ولكنها تطول في شهر رمضان حتى تطاول اليوم كله في حساب الصبر والاحتمال"! ليصل إلى أن الآجال إنما تُحسب بالشعور والخيال، بالتالي، نحن نعيش في الدنيا بمقدار ما تشغل الدنيا من خواطرنا وأحلامنا وأشواقنا.

2- و"القدوة" هي قوام الأخلاق، فلا أخلاق حيث لا قدوة، ولا روابط بين الناس حيث تبطل الإمامة بين القادة والأتباع، ويضرب العقاد المثل بمشاهده خلال شهر الصوم، فيقول: "رأينا الأطفال يشتهون الجوع، ورأيناهم يهجرون الرقاد، ورأيناهم ينتقلون من المألوف إلى غير المألوف، وهم فرحون لأنهم يقتدون، ولأن القدوة محبوبة حيث يرتفع بها المقتدي إلى منزلة فوق منزلة، وسن أكبر من سنه، وتكليف أحب وأقسى من التكليف الذي يقدر عليه، وهكذا كل صغير – وإن لم يكن صغير السن – حين يطلب القدوة بالكبير".. ويخرج العقاد من الخاص إلى العام، من الحكمة المستمدة من الصيام إلى الحكمة التي تُعتبر ناموسا من نواميس الحياة، فيقول: "القدوة هي قوام الأخلاق الاجتماعية، وإنك لا تكلف إنسانا بواجب يعسر عليه ما لم يكن فيه نظر إلى من يفضلونه في القدوة والمقام، فلا تصدق أن صغيرا يعرف واجبا مرعيا وهو لا يعرف من يقتدي به، ولا أن أخلاقا تقوم في أمة يهبط فيها الكبار إلى منزلة الصغار، فلو أحسن الكبار أن يكونوا كبارا لبقيت لهم القدوة وحسنت الأسوة".

3- عصيان الشهوات قُدرة، ومطاوعة الشهوات عجز، ولن يشعر الإنسان بالذلِّ إلا حين يشعر بعجزه، وإنَّ بعض الألم لذيذ، وبعض اللّذة أليم..! والعقاد لا يهتم كثيرا بالألم الناتج عن الإمساك عن الطعام والشراب، إلا إذا كان للطعام حظ كبير لديها، وإنما يُعَظِّم الحرمان أو الألم بقدر عَظَمَة الشيء المتروك.

ويرى العقاد في المظهر الاجتماعي للصيام: أن المسلمين يتناولون طعامهم على نظام واحد، ثم يمسكون على نظام واحد.. ألا يعطينا هذا مظهر أسرة عظيمة، نادرا ما انتظمت، تضمها جدران بيت واحد على مثل هذا النظام؟ إن رمضان يروِّض المسلمين كأمة على نظام واحد من الحياة، ونمط واحد من تغيير العادات، وأي شيء أصلح لتربية أمة من تعويدها هذه الأهمية للنظام ولتغيير العادات شهرا في كل عام، تتلاقى فيه على نظام واحد في الطعام واليقظة والرقاد

____________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق