إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

العقل الباطن وإمداده بالأفكار !


د.هاشم عبد الله الصالح
من أروع مقالات د. هاشم عبد الله الصالح

.. يقول العلماء في العموم: إن الموارد الموجودة في داخل ذات الإنسان ووجوده هي أكثر قيمة وأكثر تجددا وأكثر عطاءً من الموارد الموجودة والمتاحة في خارجه..
فالإنسان يزداد تكامله كلما أبحر في داخل نفسه وازداد قربا منها، وكلما استطاع الإنسان أن يسخّر عوالمه الداخلية استسلمت له العوالم المحيطة به بكل ما فيها من موارد وإمكانات.
فطاقات الإنسان الفكرية والعقلية "وإنْ بَدت لنا محدودة" إلا أنها تكبر وتزداد كلما أخذنا منها، فالعقل والفكر كلما شغله الإنسان أكثر ازدادت عنده قدرة التَّخيل
.. وهي قدرة يصعب وصفها وتحديد طريقة عملها، فهي ربما على شكل قناة تصل العقل بالروح فيمر عبرها قبس من النور الإلهي وعندها يتصل المحدود باللامحدود، وبفضل هذا الاتصال المبارك بين العقل والروح يتجاوز العقل عجزه ويخرج من محدوديته.
ولقد تمت كل الاكتشافات والفتوحات العلمية العظيمة التي شهدتها البشرية بفضل هذه القدرة من التخيل التي تدعم العقل في عمله، فالعقل الباطن الذي يذكره العلماء ويدينون له بالفضل في مساعدته لهم في اكتشاف ما توصلوا إليه هو ربما هذه القناة التي يتفضل بها الله على المجتهدين من عباده وهم يكدحون في طريق الخير والمعرفة.
فأينشتاين "وهو العالم العظيم" يقر بنفسه بأن العلم الحقيقي هو كله تعب واجتهاد للحصول على بركة التخيل وعندها تنكشف للإنسان ببركة هذا التخيل أمور وحقائق هو نفسه لا يعرف كيف توصل إليها أو تعرف عليها.
هل استطاع أينشتاين أن يصل إلى نظريته النسبية التي نقلت علم الفيزياء والعلوم الأخرى من حال إلى آخر من دون أن تدفعه مخيلته إلى الإمساك بحزمة من الضوء لتطير به في مجاهيل الكون وليتعرف على ما هناك من أسرار وقوانين، ومن ثم ينحني هذا الضوء به مرتدا إلى داخل نفسه ليكتشف عندها بخياله علاقات فيزيائية كانت هي الأساس في بناء نظريته النسبية المشهورة.
وهل كان بمقدور طومسون كريك أن يرسم صورة وشكل الوحدة الوراثية لولا أن جاء لعقله المدد المبارك من الروح عن طريق ما يسميه العلماء بالعقل الباطن.
فإذا كان هذا حال الإنسان مع المعرفة والعلم، فقدرة عقل الإنسان على تحصيل العلوم عظيمة جدا وما زال الإنسان يجتهد للحصول على المزيد من عطائها؛ لأننا ما زلنا وكما يقول العلماء لم نستثمر من طاقة عقولنا إلا القليل جدا، ربما 1 في المائة منها، ولكن تزداد عظمة هذا العقل على ما فيه من عظمة عندما يتحصل على قابلية الاتصال بالروح، التخيل أو الإيحاء، فيمنح الإنسان بركات من طاقة الفكر والتفكير غير محدودة.
.. فحال الإنسان مع السعادة شبيه بحاله مع العلم. فهناك أشياء كثيرة وأمور متعددة بحيازة الإنسان لها قد يقوي من استعداده للحصول على السعادة، ولكن يبقى استعداد الإنسان وتبقى محاولاته مرهونة بحصول هذه السعادة في داخل نفس الإنسان، فالسعادة هي حالة نفسية على الإنسان أن يجتهد في تهيئة أسبابها ومن ثم يترك الأمر للنفس، فهي بمقدار انفتاحها على الروح وبمقدار ما يتيح لها هذا الانفتاح من نقاء وطهر وطيبة تستطيع أن تستنبت لنفسها قيما وأخلاقا ومعاني ومُثلا تتشرب منها النفس الشعور الحقيقي بالسعادة. فمشكلة الإنسان هي في إهمال نفسه وطلب السعادة من خارجها، فكيف لإنسان أن يسعد ونفسه مضطربة، وكيف له أن يسعد وهناك حجب صلدة وسميكة تحجب نور الروح وما يحمله من فيوض ربانية من أن يدخل إلى عوالم نفسه المحيطة به. 
___________
طبعا بعد توفيق الله تعالى، ومرجعها:  http://www2.aleqt.com/2011/06/17/article_549855.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق