إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

نحو بيئة البحث العلمي


مقالة د. رشود الخريف

لا شك أن طموحاتنا كبيرة وآمالنا أكبر في أن تحقق الجامعات السعودية مراكز أفضل مما تحقق في مجال النشر خلال عام 2011، ومع ذلك لا بد أن نشيد بجهود الجامعات السعودية ونشجع العاملين على دفع عجلة البحث العلمي والعمل على إيجاد بيئة محفزة للإبداع في البحث العلمي، خاصة إذا علمنا أن حجم النشر العلمي لبعض الجامعات السعودية في الدوريات العلمية المميزة قبل خمس سنوات فقط لا يكاد يصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة.
إن نشر ثقافة البحث العلمي لدى المؤسسات العامة والخاصة وتحفيز العلماء والباحثين وطلاب الدراسات العليا على الإبداع، مطلب وطني. ومن هذا المنطلق أقدم التحية لكل من حاول إيجاد بيئة محفزة للباحثين لوضع الجامعات السعودية على خريطة النشر العلمي على المستوى العالمي.
ومع أنني أشيد بهذا الإنجاز الرائع الذي حققته الجامعات السعودية وعلى رأسها جامعة الملك سعود، إلا أنني أطالب بمزيد من الدعم للبحث العلمي، ومزيد من الجهود لتهيئة البيئة المناسبة للإبداع ونشر ثقافة البحث العلمي. لا شك أن وجود الحوافز والبيئة العلمية المناسبة التي تميز الغث من السمين كفيلة بتشجيع الباحثين المبدعين للبقاء في معاملهم ومكتباتهم لإنجاز البحوث التي تحقق رفعة الوطن وتسهم في حل كثير من المشكلات التي تواجه المجتمع.
ولا تزال الدول العربية من أقل دول العالم إنفاقا على البحث العلمي، فما يُنفق لا يُشكل إلا نسبة ضئيلة جدا (أقل من ربع واحد في المائة) من ميزانياتها لدعم البحث العلمي، لا تقارن بما تنفقه الدول المتقدمة الذي يصل إلى أكثر من 2 في المائة، ولا يزال دعم البحوث في مجال العلوم الاجتماعية بمفهومها الشامل أكثر محدودية، مع وجود بعض المبادرات الرائعة والقليلة هنا وهناك.
وعلى الرغم من الجهود الرائعة لوزارة الثقافة والإعلام في مجال تطوير النوادي الأدبية وتنظيمها لمعرض الكتاب الدولي، فإنها تتقاعس قليلا عن دورها في خدمة الإبداع في مجال العلم والثقافة، فاختفى دعمها للمؤلفين السعوديين، وانقطعت جائزة الدولة التي كانت أملا للمبدعين على المستوى الوطني. ومما يزيد الطين بلة، أن كثيرا من الجهات الحكومية لا تقدم الدعم للبحث العلمي بشفافية، لاعتمادها على المحسوبيات والعلاقات الشخصية لإنجاز مشروعاتها البحثية والدراسات التي تنفذها.
لتحقيق المزيد من الإنجازات في مجال البحث العلمي، أدعو إلى مزيد من الدعم (المؤسسي) المقنن وفق قواعد عادلة وواضحة ومعلنة للجميع، بدلا من تنفيذ الدراسات واختيار الفرق البحثية من خلال العلاقات الشخصية التي تؤدي - في بعض الأحيان - إلى تهميش الباحثين الذين لا يمتلكون العلاقات الشخصية.
كما آمل أن تتوسع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (موضوعيا) في دعمها للبحث العلمي، وأن تعطي مزيدا من الحرية للباحثين في اختيار القضايا التي يرغبون في معالجتها، بدلا من التحديد المسبق لبعض القضايا الذي يحد من تحقيق عنصر الإبداع في مجال البحث العلمي. ولا شك أن الحاجة ماسة إلى تطوير لوائح وزارة التعليم العالي التي لا تواكب التغيرات التي تشهدها بعض الجامعات. ولا يقل عن ذلك أهمية النظر بجدية في إصدار أنظمة تجبر الشركات على تخصيص نصف واحد في المائة من أرباحها السنوية لدعم البحث العلمي من خلال مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
ومن أجل رفع مستوى البحث العلمي لا بد - أيضا - من تقييم الدوريات العلمية سنويا من قبل جهة محايدة لضمان جودتها وسلامة إجراءاتها.
ختاما، أقدم التهنئة للجامعات السعودية التي حققت مراكز متقدمة، وأدعو الله أن يوفق الجميع لإنجاز المزيد لخدمة الوطن خصوصا والإنسانية عموما.

__________________________________

مرجع المادة:   http://www.aleqt.com/2011/12/10/article_605674.html

هناك تعليق واحد: